تناقض الحزبيين
قدم له فضيلة الشيخ /
حسن بن عبدالستير النعمانيّ
حفظه الله .
كتبه /
أبو سفيان عمرو سادات.
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله
نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ومن
يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبه
ورسوله صلى الله عليه وسلم ؛ أما بعدُ :
فقد ضيعت شكواك
أباسفيان ؛ فيما طلبت جوابا عن عشرات الأسئلة
؛ بل سؤال واحد ؛ هل سيبقى الحكم بالتكفير المخرج من
الملة لمن لم يحكم بما أنزل الله سواء أكان الحاكم منكم أم من غيركم؟!!
يقولون في المثل :"الصيف
ضيعتِ اللبن "
أو لعلك تجد
جوابا على طريقة مفتي الهوى :
" قليل من الماء يطهرها "
أباسفيان :
لقد أسمعت إذ ناديت حيّا ولكن لا حياة لمن تنادي
وهؤلاء "لو
سمعوا ما استجابوا لكم "
أو لو سمعوا
فإنهم لا يفهمون ؛ فعقولهم في غواية البدعة ، وشؤم الهوى ذاهبة ، ومثلهم في مستملي
أبي عبيدة فإنه كان يسمع غير ما يقال له ويفهم غير ما يسمع ويكتب غير مايفهم ويقرأ
غير مايكتب !!
أقول للواحد
منهم "أرفع يدك "
قالها النبيّ صلى الله عليه
وسلم لحبر اليهود لما قرأ ووضع يده على الحق يكتمه ، وأمر هؤلاء أشنع من جهة ؛
فحبر اليهود قرأ الحق ووضع يده على الحق ، وأما هؤلاء فيقرؤون الباطل ويضعون
أيديهم على الحق!
ولذلك فلا ترجُ
أن يرفعوا أيديهم عن بلايا قطب ؛ أو ليس قد قيل :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
فإن وجدت جوابا
فليس إلا اعتذار الأولين " إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا " أو اعتذارا
باردا أخطأ من شدة ...الجهل !.
وإن طلبت
اعتذارا لأهل السنة عن خطإ ـ ولا خطأ في الحقيقة
وإن لم يكونوا معصومين ـ فلن تجد إلا : وضرب لنا مثلا ونسي نفسه .
فهي سنة التناقض
الخارجيّ القديم : يقتلون أهل الإيمان ويدعون أهل الأوثان !! ؛ فأين وصية الله
تعالى : ولا تجادلوا عن الذين يختانون أنفسهم "؟.
وأخيرا أين عقلي
؟!
فوالله لقد كنا
ننازع في دين وشرع ؛ فصرنا ننازع في عقل!
وهكذا فعل أبوسفيان فأخرج النزاع
من ميدان دين إلى ميدان عقل " لعلهم يعقلون " بقاعدة الإلزام الرائعة التي
جاء ذكرها في قصة فتنة القول بخلق
القرآن الشهيرة لما انقطعت بسؤال الرجل لأحمد بن أبي دؤاد
عما يدعو الناس إليه من القول بخلق القرآن : هل شيء علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه رضي
الله عنهم أم جهلوه ؟
فإن قلت : علموه
وسكتوا فاسكت ، وإن قلت جهلوه ؛ أفيجهلونه وتعلمه أنت يا لكع ابن لكع !.
وفيهم وفي
أمثالهم قال شيخ الإسلام عليه الرحمة :
"بل تجد
أحدهم يجمع بين النقيضين أو بين رفع النقيضين "
تلك ثلاث كلمات ولولا ضيق الوقت لزدت ؛ ولكن
حسبي .
نزولا على رغبة أبي سفيان فعلتُ ؛ فحسبك منه
كُنية تحمل في جعبتها الكثير ، ولكنه ما مس أهل الأهواء إلا بذباب سيفه ؛ فطعنهم
الطعنة النجلاء في عقولهم ، وأنت أيها القارئ الحكم ؛ فاقرأ منصفا متجردا .
وأشكر لأبي
سفيان فما أجمل هذه المهمة
! وهذا جهاد الحجة والبيان الذي قال عنه ابن القيم رحمه الله :"أكبر الجهادين
"
وقال الشاعر :
ومداد ماتجري به أقلامهم أزكى وأفضل من دم الشهداءِ
ياطالبي علم النبيّ محمـد ما أنتمُ وســـواكمُ بسواءِ
وشكر الله لأبي
سفيان وهنيئا له هذه المهمة ؛ فقد وفّى وكفّى .
وكتبه حامدا مصليا
أبو عمر النعمانيّ
القاهرة الحادي عشر
من جمادى الأولى 1434
من هجرة النبيّ
صلى الله عليه وسلم
.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله
عليه وسلم ـ أمّا بعدُ:
فأهل البدع
والضلال متناقضون أبدًا ـ ولابدّ ـ وذلك لمخالفتهم منهاج النبىّ المعصوم ـ صلى
الله عليه وسلم ـ واتباعهم
الهوى وأراء الرجال المضلة، وكلاهما متلازم لاجدال ، وانغماس فى الضلال .
فالهوى تلون واضطراب ،وآراء الرجال
سراب فى سراب .
قال تعالى: " فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"
فليس ثَمّ إلا اتباع للوحى المعصوم ،أو للرأى الموهوم ؛والثانى سبيل القوم الظالمين فلا تكن منهم!.
وعن الْعِرْبَاضُ بن سارية قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»([1])
فأرشد عند الاختلاف والتنازع أن نرجع إلى ماكان عليه وأصحابه من الراشدين
والسالكين نهجهم السائرين على دربهم ،وحذر من الابتداع والإحداث فى الدين
قال الأوزاعىّ الإمام ـ عليه الرحمة ـ : عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول، فإن الأمر
ينجلى حين ينجلى وأنت منه على صراط مستقيم"([2])
والانحراف عن الصراط المستقيم وقوع فى الضلال، والضلال تيهٌ ؛ يجعل المرء يتخبط ويتناقض فإياك وهؤلاء
المتناقضين!
فالتناقض صفة عامة فى أهل البدع، وأخص منهم الحزبيين "
أدعياء السلفية "
لعظيم ضررهم وشدة
خطرهم وتلبيسهم الحق بالباطل وخلطهم الحابل بالنابل؛ حتى بُدلت الملة وتغيرت معالم الشِّرعة؛ وصارالحق باطلا والباطل حقا،وصارت السنة بدعة
والبدعة سنة، لذلك شرعت – مستعينا بالله – في ذكر بعض تناقضاتهم وإنها لكثيرة ، ولا حول ولا قوة الا بالله هو حسبنا ونعم الوكيل.
ودونك طرفًا من
تناقضاتهم :
فإن هؤلاء يقولون بمنهج الموازنات،
وإنهم يوازنون لكل أحد؛ حتى للشيطان الرجيم!! ولا يوازنون
لأهل السنة الأقحاح !.
ولو كان هؤلاء صادقين فى دعواهم؛ لوازنوا لأهل السنة، أو ذكروا بعض حسناتهم، وإنهم
- لعمرالله - لذوو حسنات! ولكنه التناقض والهوى! .
وأقول لهم : إما
إنكم تقولون: إن التبديع حكم شرعيّ ، أو لا
تقولون .
ـ فإن قلتم إنه
ليس حكما شرعيّا فقد كذبتم على الله ـ تعالى ـ ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ لتواتر النصوص على ذلك.
ـ وإن قلتم إنه
حكم شرعيّ ، فإمّا أن يكون حكما كليّا في الأذهان ، أو أنّه حكم يُنزّل على الأعيان.
فإن كان التبديع- عندكم - حكمًا كليًّا في الأذهان –لا يتنزل على الأعيان - فقد
اتهمتم الشرع باللغو والحشو؛ إذ ما فائدة ما في الأذهان إذا لم ُينزل على أحد.
وإن قلتم إنه يتنزل على الأعيان ألزمناكم بتنزيله ، ولابد، فأنتم
إذًا بين أمرين أحلاهما مُرُّ.
وربما يسأل المرء نفسه :
ما القول فيمن يقول بـ(وحدة الوجود)؟!!، وما القول في الصوفية ؟!!.
ما القول فيمن يسب الأصحاب؟!!، وما القول في الروافض؟!!.
ما القول فيمن يعطل صفات الله - سبحانه وتعالى - ؟!!، وما القول في الجهمية؟!!..
ما القول فيمن يكفر المسلمين بغير موجِب؟!!، وما القول في الخوارج؟!!.
ولا تخرج الإجابة على هذه الأسئلة أو على بعضها عن واحد من اثنين:
الأول : أن يقال : إن هذه فرق ضالة مبتدعة، وعليه يكون حكمُ القائل بقولهم حكمَهم ؛لا سيما وهو ينطلق من أصولهم ويتكأ على قواعدهم.
الثاني : أن يقال : إنَّ هذه ليست فرقا، ومن ثَمَّ لا تكون ضالة ولا مبتدعة،
وهنا يثور سؤال: عما تواتر من النصوص عن الأئمة من أهل السنة بل وعن عَوامِّهم
القاطعة بأن هذه فرق ضالة، فضلا عن الأحاديث التي نصت على وجود الفرق والافتراق،
وهذا من المعلوم الذي
لا ينازع فيه إلا من أصابه عمى العين ،أو عَمَهُ القلب
!.
-
ويتعلق بذلك أيضًا قولهم بأن
الصحابة وقع بينهم اختلاف فى العقائد والأصول ؛ ولازم ذلك بل ظاهره ، بل صريحه جواز الاختلاف فى العقائد والأصول ، وهذا عين
التناقض ؛ إذ حاصل ذلك أنه لا فرق
بين أهل السنة والجماعة
وبين غيرهم من الفرق الضالة وهذا باطل لا يحتاج إلى ردٍّ ؛ وما بُنيَ على باطل فهو باطل.
كما أن السؤال الذى يطرح نفسه ماذا تعنى السلفية عندكم ؟
إما إنها منهج
الصحب الكرام ـ رضى الله عنهم ـ أو غير ذلك .
والثانى باطل
مردود لايقول به سلفىٌّ، بل لايقول به أحد حتى من هذه الفرق.
وعلى الأول فقد جوزتم الخلاف فى العقائد بين الصحابة؛ فما الفرق بين منهجهم الذى تزعمون
انتهاجه وبين منهج من أتى من بعدهم؟!فهذا لا مناص تناقض !.
ـ ثم إن هؤلاء فى موازناتهم يوجبون ذكر
الحسنات مع السيئات؛ ثم لايذكرون ـ على التفصيل سيئاتِ وأخطاءَ من يذبون عنهم - ممن هم على شاكلتهم - من أهل
البدع، وهذا أمر غريب، وتناقض عجيب.
إن كنتم تجهلون هذه السيئات فهلا نقبتم عنها - كما تنقبون لأهل السنة من السلفيين الخلص ـ لتستقيم لكم قاعدتكم في ذكر الحسنات مع السيئات، وقد أوجبتموها؛ إذ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وإن كنتم
تعلمونها ـ وأظن أنكم
تعلمونها ـ فقد اختلفتم وتناقضتم .
إنه الزيغ
والضلال واتباع الهوى لعلمكم أن ذكر سيئاتهم – وهي كثيرة خَطِرَة - تأتى بنيانهم ، وبنيانكم من القواعد عند كل ذى بصر
وبصيرة ، بل عند العوامّ من المسلمين الذين لا زالوا على البيضاء لم تتنجس أفئدتهم بالبدع والضلالات.
- وما أكثر
الذين يحطبون في هوى سيد
قطب وينادى الواحد منهم بالإنصاف والموازنات وذكر
الحسنات مع السيئات؛ و السؤال اللازم الحتم :
ما حسنات سيد ؟
حدثوا الناس عن دعوة سيد للتوحيد
ونبذ الشرك ومجاهداته فى هذا ، استغفر الله لقد كان حربًا على دعاة التوحيد مستهزئًا متهكمًا بدعوتهم وهى صلب الدين.
حدثوا الناس عن حسناته فى اتباع
المنهج السنىّ وكيف كان أثريًّا لا يتكلم فى الدين إلا بالأحاديث والآثار الصحيحة. استغفر الله وهل كان يفرّ إلا من هذا ؟
لقد كان ينحو منحى أهل الكلام تارة ،
ومنحى الخوارج تارات.
حدثوا الناس عن
سلفيته ـ أيها السلفيون ـ وكيف كانت عقيدته فى سلف الأمة من الصحابة الأطهار الأبرار.
بل عن عقيدته فى المرسلين
بل عن عقيدته فى
الله رب العالمين.
حدثوا الناس عن حسناته . وأين هى ؟
وكيف كانت ؟
عددوا لنا مناقبه على التفصيل ودعوا
الإجمال المشين.
وهل بعد ما مضى يذكر الذاكر حسنات؟ ألا هيهات ثم هيهات !
أيها المنصفون أنصفوا وكونوا على ذُكر أنّا أنصفاكم
ولم نتحدث عن السيئات وإنها لكثيرة من قوله :
بوحدة الوجود ونفيه صفات الرب العلى وتعطيلها ([3]) وتفسيره القرآن
الكريم على قواعد الموسيقى والمسرح ! وسبه للأنبياء بل للمرسلين منهم كموسى- صلى
الله عليه وسلم ـ يلمزه فى كل موضع من كتاب الله تعالى ([4]).
وكذلك داود وسليمان ـ صلى الله عليهما وسلم ـ حتى رماهما بالفحش والسوء ـ
والعياذ بالله ـ واتهمهما بالفتنة بالنساء([5])!
ومن سبه للصحابة-
رضى الله عنهم- وحتى
أقذع القول فى ذى النورين عثمان زوج ابنتى النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ الخليفة الراشد ـ رضى الله عنه ـ([6]) وسبه لمعاوية وعمرو بن العاص ـ رضى الله عنهما ـ ([7]) بل كفر أبا سفيان الصحابى
الجليل ـ رضى الله عنه ـ ورماه بالنفاق الأكبر([8])!.
وقوله: فى
الصحابية الجليلة هند بنت عتبة ـ رضى الله عنها ـ أنها كاللبوءة([9])، وهو أديب ـ كما تقولون ـ
يعرف مخارج الكلام وأساليب القول، وأنتم تعلمون
معنى هذه الكلمة "اللبوءة" عند المصريين خاصةً ؛ أفترضوا ذلك
لأمهاتكم ،لأخواتك ، لبناتكم ؛ وهن عندنا فضليات لانرضى أقل القليل فيهن ؛ ولكن مع فضلهن ـ وإنهن لذوات فضل ـ بينهن وبين الصحابية الجليلة- رضى الله عنها- كما بين المشرق والمغرب.
لماذا لا تذكرونها للناس كما أوجبتم على أنفسكم أيها المتناقضون: ؟! ألا
شاهت الوجوه.
ومن تناقضاتهم زعمهم أن عصر الجرح
والتعديل قد مضى وانقضى وأن هؤلاء المعدلون المجرحون الآن حمقى! ثم نراهم هم أنفسهم يعدلون
ويجرحون!
ياأيها المتناقضون :لماذا ترضون
على أنفسكم الحمق إذاً
؟
أليس هذا العلم قد مات ؟
أم أنكم نقبتم عنه فأخرجتموه ؛ فكان لكم وحدكم من دون العالمين لحق الاكتشاف له وجهد التنقيب
عنه؟
إن السلفيين
الخلص يجرحون ويعدلون بمقتضى الكتاب والسنة ومنهاج
سلف الأمة، ويذكرون المبتدع وبدعته. الحكم ودليله.
فلماذا بدعتم
أنتم ؟
تقولون سب الأشياخ والطعن فى العلماء ـ ومع أن هذا
كذب صراح وأنتم الشتامون السببة ـ ولكن سلمنا فإنه على القول بموازناتكم يغتفر هذا الشىء الواحد بل الوحيد فى خضم
الحسنات .
أم ليس لهم حسنات ؟إن المسلم لابد أن تكون له
حسنات.
أم ليسوا مسلمين ؟
ثم هل عِرض أشياخكم أعلى وأغلى من عرض الصحابة بل والمرسلين !!
أعرضُهم – لو سلمنا بما تقولون – أغلى من الشرع وجناب الملة؟! فغرتم
على عرض أشياخكم ولم تغيروا على عرض الدين والسنة وعرض المرسلين وعرض الصحب الميامين([12]) .قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
- ثم لو قلنا إن هذا من باب الجرح والتعديل ـ الذى أخرجتموه فأحييتموه
ـ فإن ما ذكرتموه من
الطعن فى الأشياخ ليس من البدع فى شىء ؛ إذ هو ليس طريقةً فى الدين فضلا عن أن تكون مخترعةً .فكان هذا يتطلب منكم ـ أيها
المتناقضون ـ حكمًا غير البدعة.
فكيف بزعمكم أنهم فرقة ضالة؟!
ومن تناقضاتهم أنهم يقولون إن الفرق الضالة قد انتهى عصرها ؛ يردون على من يقول إن هذه الجماعات المخالفة لما
كان عليه النبى وأصحابه فرق ضالة.
وهنا سؤال :إن سلمنا بأنها انقضى عصرها فكيف بمن يوافقها فى أصولها
ومنهاجها؟
فإما أن تقولوا إن حكمه حكمها فتردون على أنفسكم.
أو تقولوا ضد ذلك فيلزمكم التناقض ؛إذ العلة واحدة فلزم أن يكون الحكم واحدًا.
ثم أنتم أنفسكم
تقولون عن أهل السنة من السلفيين
الخلص إنهم فرقة ضالة.
فهذا تناقض مشين حتى بالمروءة والرجولة؟
لماذا لم تقولوا إنها جماعة ـ على اصطلاحكم ـ تعمل فى الحقل الإسلامىّ كغيرها من الجماعات التى تخالفونها ـ ولابد ـ فى
الكثير أو فى القليل؟
هذا تناقض على تناقض.
ثم ماذا تقصدون بقولكم ضالة؟
فإما أن تقولوا إنها
نارية فتقعون فى التناقض ـ ولابد ـ لنفيكم هذا عن غيرها ممن هى بمبعدة عن السنة والمتابعة.هذا من
جهة.
ومن جهة أخرى
لقولكم كذبًا ومينًا على أهل السنة- إذا قالوا فرقًا نارية - تقولون يكفرون ويقصدون الخلود فى النار.
وهذه فرية فأهل
السنة يقولون هذا بناء
على عقيدتهم فى الوعيد وأنه إذا شاء الله أدخلهم النار وإذا شاء عفا عنهم ، ثم من يدخل النار منهم فإن كان من أهل التوحيد خرج منها فى يوم من الدهر
بمشيئة الله ـ سبحانه
وتعالى ـ.
أيها المنصفون أنتم افتريتم علينا ولكنا على نفترى على
أحد ؛ فماذا تقولون
أنتم؟
فإن قلتم إنهم فرقة نارية فقد سبق ماسبق.
وإن قلتم غير نارية لزمكم التناقض
أيضا ؛ إذ ما ثّمَّ إلا بدعة وضلالة وهدى وغواية
ثم جنة ونار.
فماذا تقصدون
إذاً بفرقة؟
فضلا عماذا تقصدون بضالة؟
نبئونى بعلم إن كنتم صادقين.
وهنا سؤال آخر: لماذا حكمتم عليهم بأنهم فرقة؟
فصِّلوا لنا
ياأهل الإنصاف.
فإن قلتم بالطعن
فى الأشياخ ـ وليس على ألسنتكم غيرها ـ فإن هذا ليس مما يحكم به على الفرقة أنها
فرقة.
إذ الفرقة هى كل
طائفة على منهاج يخالف منهاج النبوة لقوله- صلى الله عليه وسلم -:"كلها فى النار إلا واحدة من كان على مثل ما أنا عليه اليوم
وأصحابى".
والمخالفة تكون إما
فى أصل كلىّ ،أو فى فروع متعددة تقوم مقام الأصل الكلىّ.
فهل الطعن فى أشياخكم ـ كما تقولون ـ أصل فى الدين كلىّ ؟!هذا لايقول به
عاقل بل ولامجنون!.
وأعافيكم أن تقولوا أن هذا الشىء الواحد
أمورمتعددة ؛ فيرميكم القاصى والدانى بأشياء غير
البدعة!.
فإذ لم يكن لاهذا ولا ذاك فلماذا حكمتم عليهم أنهم فرقة ضالة؟
أجيبونا بعلم أيها المنصفون!!!
ومن تناقضاتهم أنهم يدعون
السلفية ملء أشداقهم
ثم يناقضونها ويخالفونها فى أظهر معالمها وأرسى أركانها ، وما سبق كافٍ
فى بيان ذلك؛ وهذا ما لم يحدث على مر
القرون أن يدعى المبتدعة أنهم على منهاج السلف الصالحين!
ولكن حسنٌ ،أنتم
سلفيون ؛فما حقيقة
السلفية؟
أليست كتابًا وسنة بفهم سلف الأمة؟
أليست السلفية هى ألا تخوض فى قضية ليس عليها دليل؟
أليست هى ألا
تتكلم فى مسألة ليس لك فيها سلف؟
أليست هى :إن استطعت ألا تحك جلدك بظفرك إلا بأثر فافعل؟
هذا قولكم بأفواهكم ـ ولا نفترى عليكم ـ وهذا هو الصواب -إن شاء الله- وما ندين به لله تعالى ونسأله الثبات عليه حتى نلقاه وهو راضٍ عنا.
ولكن أين فهم السلف الصالحين فى الديمقراطية والانتخابات والبرلمانات والأحزاب والمظاهرات والخروج على حكام المسلمين وتكفيرهم واستباحة
الدماء...إلى غير ذلك
مما ابتليت به الأمة على أيديكم وأيدى غيركم خاصة "خوان المسلمين".
- وأين أنتم من مسألة الحاكمية
التى تخرجون بها من الملة- قولاً واحدًا- كلَّ من وقع فيها فما بالكم اليوم تتهافتون عليها تهافت الفراش على النار؟
وهل سيبقى الحكم بالتكفيرالمخرج من الملة لمن لم يحكم بما أنزل الله سواء
كان الحاكم منكم([13]) أو من غيركم؟
أم ماذا سيكون؟
إما أن تكفروا الجميع ،أو لا تكفروا الجميع.
فإن قلتم نكفر الجميع ألزمناكم به
على أنفسكم من أكثر من
وجه:
1- أنكم الآن تسعون إليه بحدكم وحديدكم ، وتبذلون فى سبيل ذلك المهج
والأنفس ومعلوم أن الأعمال بالنيات ؛ فكيف إذا كان
مع النية إصرار وسعى؟!
2- أن تكفير الذى يشرع من دون الله أولى من الذى يحكم بغير ما أنزل الله ، وأنتم اليوم الغالبية فى المجالس التشريعية([14]).
3- أن غيركم لم ينسب ذلك للدين بشكل من الأشكال فهو مع ظلمه وجوره وعظيم
جرمه – لم يجعل ذلك دينًا؛ وأنتم جعلتموه
دينًا.
4- أن غيركم مقطوع بجهله لا محالة، وأنتم تنسبون إلى العلم!.
فكنتم – فى جميع الحالات-
أولى بالحكم من غيركم
؛ فعُلم تناقضكم وهو ظاهر كالشمس لا حجاب دونها.
ــ وإن قلتم بالثانى وهو عدم تكفير الجميع - حتى لا ينزل الحكم عليكم- لزمكم
التناقض أيضًا؛ إذ أقوالكم السابقة محصاة عليكم ؛ فكيف وأنتم تصرحون بها
الآن؟! أم هي العزلة الشعورية ؛ فلا تدرون شيئًا عما يدور حولكم ؟!.
- ويتعلق بذلك
سؤال:
من سلفكم فى الخروج على الحكام الظلمة الجورة ومن سلفكم فى المظاهرات والاعتصامات ، فضلا عن الديمقراطية ، والحزبية وغير ذلك ؟
ثم هذا الحكم هل
سيتغير ثانية إن استقر
لكم الحكم كما تُأملون؟
ـ حدثوا المسلمين عن الولاء والبراء.
الناس تسأل هل النصارى كفار أم غير كفارأجيبوهم؟
يسأل الناس عن
حكم الترحم على النصارى وغيرهم من الكفار؟
وماحكم الوقوف
حدادًا على الميت فضلا عن أن يكون نصرانيًا كافرًا؟
وضحوا للناس أيها الدعاة السلفيون ـ كما تزعمون ـ أم أن
هذا ليس من الدين بله أصوله وأركانه؟
والعجيب أنه عند
موت بعض المسلمين أفتيتم بعدم الصلاة والترحم عليه!.
صدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "يقتلون أهل الإيمان ويدعون أهل
الأوثان"
بينوا للناس وإلا تناقضتم ـ ولابد ـ فإما أن تكونوا دعاة سلفيين كما تزعمون أو لا تكونوا.
فإن كنتم دعاة فضلا عن سلفيين فبينوا للناس الدين فروعًا وأصولا ؛ بينوا للناس مهمات الملة وأركان الشريعة.
وإلا فلستم
بدعاة ومن باب أولى فلستم بسلفيين.
أخبروا الناس وكونوا
واضحين ولا تخدعوهم ؛ ما أدلتكم ومن أسلافكم ؟
أم أسلافكم أشياخكم؟
إذاً أنتم حقا
سلفيون!!ولكن بإبدال السين خاءً!
إن هذه الأمور وغيرها لمن أكبر الأدلة على بدعكم وعظيم تناقضكم.
فتوبوا إلى الله وارجعوا "منيبين إليه واتقوه ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم
وكانوا شيعًا كلّ حزب بما لديهم فرحون"
نسأل الله الستر والعافية.وأن يغفر لنا ويرحمنا وأن يتوفانا وهو راضٍ عنا.
وصلى الله وسلم
على النبى وآله وصحبه وسلم أجمعين والحمد لله رب العالمين.
([12]) ولذلك في هذه
الأيام المد الرافضيّ المجوسيّ يجتاح البلاد بسببكم إن لم يكن على أيديكم ؛ فأين بعض ما كان
لأشياخكم لتجعلوه للنبيّ ـ صلى الله عليه
وسلم ـ ولأصحابه ـ رضي الله عنهم أجمعين ؟! أم ماذا ستقولون ؟ وكيف ستبررون ، وتمررون الكفر بفتاوى من يضللونكم ؟ حتى ولو
كان ظاهرًا كالشمس ليس دونها حجاب !.