بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى
رَسُولِ الله، أمَّا بَعْدُ:
رَحِمَهُ الله، رَوَاهُ الإِمَامُ الْلَالَكَائىُّ فى
شَرْحِ أُصُولِ اعْتقادِ أهْلِ السُّنةِ والجَمَاعةِ([3]) قَالَ:
أخبرنا محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ العباسِ قالَ :حدثنا
أبو الفضلِ شعيبُ بنُ محمدِ بنِ الراجيانِ قالَ : حدثنا عليُ بن
حربٍ الموصليُّ بسُرَّ مَنْ رَأى سنةَ سبعٍ وخمسينَ
ومائتينِ قالَ : سمعتُ شعيبَ بنَ حربٍ يقولُ: قلتُ لأبي عبدِ اللهِ سفيانَ بن سعيدٍ
الثوريِّ :
حَدِّثني بحديثٍ من السُّنَّةِ([4]) ينفعُني اللهُ U بهِ فإذا وقفتُ بين يدي الله تباركَ وتعالى، وسألني عنه فقال لي: مِنْ أينَ
أخذتَ هذا؟ قلتُ: يا ربّ حدثني بهذا الحديثِ سفيانُ الثوريُّ، وأخذتُه عنه، فأنجو
أنا وتُؤاخذُ أنتَ.
فقالَ: يا شعيب ُهذا توكيدٌ، وأيُّ توكيدٍ ! اكتبْ :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1- القرآنُ كلامُ اللِه([5])
غيرُ مخلوقٍ منه بدأَ وإليه يعودُ مَن
قالَ غيرَ هذا فَهُوَ كُفْرٌ .
2- والإيمان ُقولٌ وعملٌ([6]) ونية([7]) يزيدُ وينقصُ([8]) يزيدُ بالطاعةِ وينقصُ بالمعصيةِ ولا يجوزُ القولُ إلا بالعملِ ولا يجوزُ
القولُ والعملُ إلا بالنِّيةِ ولا يجوزُ
القولُ والعملُ والنيةُ إلا بموافقةِ السُّنَّةِ. قالَ شُعيبٌ: فقلتُ لهُ يا أبا عبدِ اللِه: وما موافقةُ السُّنةِ؟
3ـ قال تَقْدمةُ
الشيخين أبي بكرٍ وعمرَ رضي اللهُ عنهما([9])
4ـ يا شُعيبُ: لا يَنفعُكَ ما كَتبتَ حتى تُقدمَ عُثمانَ
وعليًا ([10]) على من بعدَهُما .
5ـ يا شعيب ُبنَ حربٍ لا ينفعُك ما كتبتُ لك حتى لا تشهدَ
لأحدٍ بجنةٍ ولا نارٍ ([11])
6ـ يا شعيبُ بنَ
حربٍ لا ينفعُك ما كتبتُ لك حتى ترى المسحَ على الخُفينِ([14]) دونَ خلعِهما أعْدلَ عِندكَ من غسلِ قَدميكَ .
7ـ يا شُعيب ُبنَ
حَربٍ ولا يَنفعُك ما كَتبتَ حتى يكونَ إخفاءُ بسْمِ اللهِ الرحمن ِالرحيمِ في الصَّلاةِ
أفضلَ عندَك من أنْ تجهرَ بهما .
8- يا شُعيبُ بنَ حربٍ لا يَنفعُك الذي كتبتَ حتى تؤمنَ بالقدرِ
خيرهِ وشرِّهِ([15]) وحُلوِهِ ومُرَّهِ؛ كلٌّ منْ عندِ اللِه U.
9- يا شعيب بن حرب والله ما قالت القدرية([16]) ما قال الله ولا ما قالت الملائكة ولا ما قالت النبيون ولا ما قال أهل الجنة
ولا ما قال أهل النار ولا ما قال أخوهم إبليس لعنه الله قال الله عز وجل : (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ
ﭨ ﭩ ﭪ) الجاثية
وقال تعالى: (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﮄ ) الإنسان
وقالت الملائكة: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) البقرة
وقال موسى عليه السلام: (إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي
مَن تَشَاء) الأعراف
وقال نوح عليه
السلام : (ﮱ
ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) هود
وقال شعيب عليه السلام : ( ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ
ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮗ) الأعراف
وقال أهلُ الجنّةِ: ( ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ
ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﰊ) الأعراف
وقال أهلُ النَّارِ: ( ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) المؤمنون
وقال أخوهم إبليسُ
لعنه الله : ( ﮅ ﮆ ﮇ ﮎ) الحِجر
10ـ يا شعيبُ لا ينفعك ما كتبت حتى ترى الصلاة خلف كل بر
وفاجر([17]).
والجهادُ ماضٍ إلى يومِ القيامةِ([18])
والصبرُ تحتَ لواءِ السُّلطانِ جارَ أم عدلَ ([19]).
قال شعيبُ: فقلتُ لسفيانَ يا أبا عبدِ اللهِ الصلاةُ كلُّها
؟ قال: لا ولكن صلاةَ الجُمعةِ والعيدينِ صل ِّخلفَ مَنْ أدركتَ وأمَّا سائرُ ذلك
فأنت مخيرٌ لا تصلِّ إلا خلفَ من تثقُ به وتعلمُ أنهُ من أهل ِالسنةِ والجماعةِ .
يا شعيبُ بنَ حربٍ: إذا وقفتَ بين يدي اللهِ عزَّ وجلَّ
فسألكَ عن هذا الحديثِ فقلْ :
يا ربّ حدثني بهذا الحديثِ سفيانُ بنُ سعيدٍ الثّوريُّ ،
ثُمََّ خلِّ بيني وبين ربي عزَّ و جلّ"ا.هـ
وصلى الله وسلم على
نبيه محمد وآله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب
العالمين.
([1]) هذا اعتقادُ ثابتٌ عن الإمامِ الثوريِّ ؛فمحمدٌ بنُ
عبدالرحمنِ هو المخلِّصُ قال الذهبيُّ في السّيرِ 16/ط 478 الرسالة: "الشيخُ
المحدثُ المعمرُ الصدوقُ .."وأبو الفضلِ شعيبُ بنُ محمدِ بنِ الراجيانِ ،قال
الخطيبُ في تاريخ بغداد 9/246-4824 ط الكتب العلمية :"روى عنه أبو الحسن الدارقطنيُّ
وأبو طاهر المخلِّصُ وأبو القاسم بنُ الثلاجِ وكان ثقةً" وعليُ بنُ حربٍ
الموصليُّ. قال ابنُ أبى حاتمٍ في الجرحِ والتعديلِ 6/183- 1006ط الفاروق الحديثة:
"كتبتُ عنه مع أبى وهو صدوقٌ. ثنا عبدالرحمن قال: سئل أبى عنه فقال: صدوقٌ"
وقال عن شعيب بن حرب كما في السابق 4 /342-1504: "وسألته - يعنى أباه - عنه
فقال: ثقةٌ مأمونٌ ... ثم ذكر أن ابن معين سئل عنه فقال: ثقةٌ"
قال
الذهبيُّ في تذكرة الحفاظِ 1/153ط العلمية: "هذا ثابتٌ عن سفيانَ ا. هـ
([2]) سفيانُ بنُ سعيدِ بنِ مسروقٍ الإمامُ شيخُ الإسلامِ
سيدُ الحفاظِ أبوعبد الله الثوريُّ
وقال
شعبة ويحيى بن معين وجماعة سفيان أمير المؤمنين في الحديث. وقال ابن المبارك: كتبت
عن ألف ومائة شيخ ما فيهم أفضل من سفيان. وكان شعبة يقول: سفيان أحفظ مني. وقال ورقاء:
لم ير الثوري مثل نفسه. وقال أحمد: لم يتقدمه في قلبي أحد. وقال القطان: ما رأيت أحفظ
منه كنت إذا سألته عن مسألة أو عن حديث ليس عنده اشتد عليه. وقال عبد الرزاق قال سفيان:
ما استودعت قلبي شيئا قط. فخانني. وقال الأوزاعي: لم يبق من تجتمع عليه الأمة بالرضى
والصحة إلا سفيان. وقال ابن المبارك لا أعلم على وجه الأرض أعلم من سفيان. وقال وكيع
كان سفيان بحرًا. وقال القطان: سفيان فوق مالك في كل شيء. وقال أبو أسامة: من أخبرك
أنه رأى مثل سفيان فلا تصدقه. وقال ابن أبي ذئب: ما رأيت بالعراق أحدا يشبه ثوريكم..."
تذكرة الحفاظ 1/152.
([6]) خلافًا للمرجئة قال تعالى: "وما كان
الله ليضيع إيمانكم" أي صلاتكم .وعند البخاري ّ53 ومسلم24: قال r لوفد عبد القيس: هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ قَالُوا
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ
وَتُعْطُوا الْخُمُسَ مِنْ الْمَغْنَمِ..".
([11])
بوب
الإمام البخاري في كتاب الجهاد: باب لا يقول فلان شهيد،وفيه أَنَّ رَسُولَ اللهِ r الْتَقى
هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللهِ r إِلى
عَسْكَرِهِ، وَمالَ الآخَرُونَ إِلى عَسْكَرِهِمْ، وَفي أَصْحابِ رَسُولِ اللهِ r رَجُلٌ لا
يَدَعُ لَهُمْ شاذَّةً وَلا فَاذَّةً إِلاَّ اتَّبَعَهَا يَضْرِبُها بِسَيْفِهِ،
فَقالُوا ما أَجْزَأَ مِنّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَما أَجْزَأَ فُلانٌ؛ فَقالَ
رَسُولُ اللهِ r: أَما
إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنا صَاحِبُهُ قَالَ
فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّما وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ، وَإِذا أَسْرَعَ أسرع مَعَهُ؛
قَالَ فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَديدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ
نَصْلَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ، وَذُبابَهُ بَيْنَ ثَدْييْهِ ثُمَّ تَحامَلَ عَلى
نَفْسِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلى رَسُولِ اللهِ r فَقالَ:
أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ قَالَ: وَما ذَاكَ قَالَ: الرَّجُلُ الَّذي
ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ،
فَقُلْتُ: أَنا لَكُمْ بِهِ، فَخَرَجْتُ في طَلَبِهِ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا
شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ في الأَرْضِ،
وَذُبابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقالَ
رَسُولُ اللهِ r عِنْدَ
ذَلِكَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فيما يَبْدُو
لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ
أَهْلِ النَّارِ فِيما يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ"
البخاري 2742ومسلم 112.
([12]) عَنِ النَّبِيّ r قَالَ: " أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ
فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ
فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي
وَقَّاصٍ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي الْجَنَّةِ،
وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ" عند أحمد وغيره وقال شعيب
الأرنؤوط إسناده قوي على شرط مسلم، وصححه الألبانيّ في صحيح الجامع 4010.
([14]) خلافا لأهل البدع من الشيعة .والمسح على
الخفين مما تواتر عن النبى صلى الله عليه وسلم انظر نظم المتناثر من الحديث
المتواتر للكتانىّ ا/18 وما بعدها ط. دار الكتب السلفية .قال الشيخ التاودي في حواشيه
على الصحيح وقد نظمت ذلك فقلت: مما تواتر
حديث من كذبْ ومن بنى لله بيتا واحتسبْ
ورؤية شفاعة والحـوضُ ومسح
خفين وهاذي بعضُ
([15]) عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قَالَ كَانَ أَوَّلَ
مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ فَانْطَلَقْتُ أَنَا
وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ
فَقُلْنَا لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا
وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي
سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ فَقُلْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ
قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ وَذَكَرَ مِنْ
شَأْنِهِمْ وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ قَالَ
فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ
مِنِّي وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ
مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ،ثُمَّ
قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ
شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ
وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ
وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ
وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ
سَبِيلًا قَالَ صَدَقْتَ قَالَ فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ قَالَ فَأَخْبِرْنِي
عَنْ الْإِيمَانِ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ صَدَقْتَ قَالَ
فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْإِحْسَانِ قَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ
لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ السَّاعَةِ قَالَ
مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا
قَالَ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ
رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ قَالَ ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ
مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ لِي يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنْ السَّائِلُ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ
".مسلم 1.
([16]) القدرية نفاة القدر عن الله تعالى ويضيفونه
إلى أنفسهم!! وأول من قال ذلك عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وهم رؤوس الاعتزال
وضدهم في هذا الجبرية أتباع الجهم بن
صفوان يقولون الإنسان مجبور كالريشة في
مهب الريح لا اختبار له ولا مشيئة فاتهموا
الرب جل وعلا بالظلم إذ كيف يعذب من لا اختيار له؟!فهؤلاء شيخهم إبليس احتج بالقدر
فقال "رب بما أغويتني"
وأهل
السنة والجماعة كما هو الشأن دائما وسط بين الفرق الضالة فقالوا كل شيء بقدر قال
تعالى "إنا كل شيء خلقناه بقدر" ويثبتون للعبد مشيئة لا تستقل عن مشيئة
الله تعالى: وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين" فالعبد يفعل بمحض
اختياره ولذلك يثاب ويعاقب ،وما يفعله يقع وفق ما قدره الله تعالى.
([17]) هذه الجملةُ يُريدُ بها تقريرَ ما دلَّتْ عليه
الأدلةُ العامةُ والخاصةُ في أنَّ الصلاةَ عند أهلِ الأثرِ، أتباعِ الصحابةِ رضوان
الله عليهم تُقَامُ خلفَ كلِّ إمامٍ؛ إمامٍ عامٍّ؛ وهو وليُ الأمر ،أو إمامٍ خاصٍّ
وهو إمامُ المسجدِ -سواءٌ أكانَ براً أو كان فاجراً- إذا كان من أهل التوحيد؛ يعني
من أهل القبلة.
وهذا يريد به مخالفة من ضلُّوا عن سبيل السلف
فيمن لم يُصَلُّوا إلا خَلْفَ من يماثلهم في العقيدة أو يماثلهم في العمل أو يكون سليماً
من الفجور، يعني لا يصلون إلا خلف من يعلمون بِرَّهُ وتقواه ونحو ذلك.
وهذا صنيع الخوارج وكل أنواع المُتعصِّبَة من
الضُلاَّل من أهل الفرق جميعاً. =
= فكل فرقة من الفِرَقْ تُكَفِّرْ الفرقة الأخرى
أو تُضَلِّلُها ولا يرون الصلاة خلف الآخرين، ولو كانوا مبتدعةً أو كانوا فجاراً، فإنهم
يقولون: لا نصلي إلا خلف من نعلم دينه أو خلف من هو مثلنا في الاعتقاد.
بل زاد الأمر حتى صار أصحاب المذاهب المتبوعة:
الشافعية والحنفية المالكية لا يصلي أحدٌ منهم إلا خلف من كان على مثل مذهبه الفقهي،
وهذا مخالف لهدي السلف الصالح (شرح الطحاوية للشيخ صالح آل الشيخ) ص 635.
ويروى
في ذلك حديث ضعيف" صلوا خلف كل بر وفاجر "ويغنى عنه" حديث أبي هريرة
أن رسول الله r قال (يصلون لكم فإن أصابوا فلكم وإن أخطؤوا فلكم وعليهم) البخاري 662
وفى هذا المعنى أحاديث كثيرة وكان ابن عمر وغيره يصلون خلف الحجاج كما في مصنف ابن
أبى شيبة 14175دار القبلة.
"فَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي هَذِهِ
الصُّورَةِ وَكُلِّ مَا أَشْبَهَهَا ؛ بَلْ كَثِيرٌ مِنْ الْغَزْوِ الْحَاصِلِ
بَعْدَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ لَمْ يَقَعْ إلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ .
وَثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْخَيْلُ
مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ : الْأَجْرُ
وَالْمَغْنَمُ } فَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى مَا رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
الْغَزْوُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللَّهُ إلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ أُمَّتِي
الدَّجَّالَ لَا يُبْطِلُهُ جَوْرُ جَائِرٍ وَلَا عَدْلُ عَادِلٍ } وَمَا
اسْتَفَاضَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {لَا
تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ
خَالَفَهُمْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ
الَّتِي اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ
عَلَى الْعَمَلِ بِهَا فِي جِهَادِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْجِهَادَ مَعَ الْأُمَرَاءِ
أَبْرَارِهِمْ وَفُجَّارِهِمْ ؛ بِخِلَافِ الرَّافِضَةِ وَالْخَوَارِجِ
الْخَارِجِينَ عَنْ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ .."ا.هـ
([19]) قال النبي r :" منْ كَرِهَ منْ أميرهِ
شيئًا فليصبرْ فإنَّهُ منْ خرجَ من السلطانِ شبرًا ماتَ ميتةً جاهليةً "البخاري
6645 ومسلم 1849 .
وعن جنادةَ بنِ أبي أميةَ قال : دخلنا على عبادةَ
بنِ الصامتِ؛ وهو مريضٌ قلنا: أصلحك اللهُ حدث بحديث ينفعُك اللهُ به سمعتَهُ من النبي
r قال: دعانا النبي r فبايعناه فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمعِ والطاعةِ في منشطنا
ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرةٍ علينا وأن لا ننازعَ الأمرَ أهلَهُ إلا أن تَروا كفرًا
بواحًا عندكم من الله فيه برهانٌ "البخاري 6647 ومسلم 1709.
وعن الزبير بن عدي قال: أتينا أنسَ بنَ مالكٍ
فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج فقال اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمانٌ إلا الذي بعده
شرٌّ منه حتى تلقوا ربكم سمعتُه من نبيكم r
"البخاري 6657 .
وعن حذيفة بن اليمان يقول: : كان الناسُ يسألون
رسول الله r عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا
في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال (نعم) قلت وهل
بعد ذلك الشر من خير ؟ قال ( نعم وفيه دخن ) . قلت وما دخنه ؟ قال ( قوم يهدون بغير
هديي تعرف منهم وتنكر ) . قلت فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال ( نعم دعاة على أبواب
جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ) . قلت يا رسول الله صفهم لنا قال ( هم من جلدتنا
ويتكلمون بألسنتنا ) . قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال ( تلزم جماعة المسلمين وإمامهم
) . قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل
شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك "البخاري 6673.