بِسْمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ
فتحُ الكريمِ المنان
بنظم أساليب الدعوة في القرآن
مقدمة
بسمِ الإلهِ القادرِ المنانِ *** حمدًا لذي الإنعام والإحسانِ
ثم صلاةُ اللهِ معْ سلامهِ *** على الرسولِ المصطفى وآلهِ
وبعدُ ذي بعونِ ذي الإحسانِ ***منظومةٌ في دعوةِ القـُرانِ
مبتدئًا مطلعَ كلِّ قاعدةْ ***بقولي اعلمْ ؛ فانتبهْ ذي قاعدةْ
ولنبدأ الكـــــــــلامَ ولتـنتبهِ *** فإنّـك المـــرادُ أولًا بـــــهِ
هداية القرآن
إلى كل خير وكيفية تحصيل ذلك
اعلمْ ـ هُديتَ ـ أنَّ أقومَ الطُرقْ *** عقيدةً وعملًا وفي الخُلقْ
وفي سيـاسةٍ وغيرِ ذلكـــا *** قرآنُنا الأهـــدى لمن تمسَّكا
فلنأخذِ العقيدةَ منهُ كما *** جاءتْ بلا كيفَ يكونُ؟! أو لِمَ ؟!
ولنأخذِ التعبدَ مع الخـُلقْ *** مع السلوكِ كلِّها لا تفترِقْ
ولنجعلِ القُرانَ نبراسًا لنا *** في كلِّ شيءٍ كان في حياتنا
ثم اعلمنْ بأنَّ خيرًا تؤتهُ *** لابــــدَ أنْ تأتي لهُ أبــــــوابهُ
وكلُّ خيرٍ قد أتى في ديننا *** وبابـــهُ صحـــــــــابةُ نبيِّـنا
قدْ فسرَ القُرانَ كلَّهُ لهمْ ***وعايشوا التنزيل ذاكَ حسبُهمْ
ما جــــاوزوا العَشرَ من المُنزَّلِ *** إلا مع العلمِ بها والعملِ
يصدقون ما أتى من الخبرْ *** ينفـــــــذون ما نهى وما أمرْ
وأصل ذاكَ أنَّ لغة العربْ***جِماعُها في الخبرِ وفي الطلبْ( )
تقرير القرآن أنواع التوحيد الثلاثة :
الربوبية والأسماء والصفات والألوهية
ثُمَّ اعلمَنْ طريقةَ القــرآنِ *** يقررُ التوحـيدَ للرحــــمــنِ
أنْ يُعبدَ من غير ما شركٍ بهِ *** في العلمِ والإخبارِ أوفي قصــدِهِ
أنْ يُفردَ تعـــــالى في رُبوبتهْ *** وفي صفــاتهِ وفي أُلــــوهتهْ
اتفاق الشرائع في التوحيد والمعاد والنبوات
واعلمْ بأنَّهُ يكـــــادُ كلّهُ *** يُقررُ التوحــــــيدَ ينفي ضدَّهُ
فتــــارةً بأنَّهُ الخـــــلَّاقُ *** المـــــــــالكُ القديرُ والرزاقُ
وتــــارةً بما أتى من وصــــــفهِ *** وتــــــارةً بأمـــــرهِ ونهيهِ
وتـارةً بذكرِ حُسنِ الموئلِ *** أو قبحهِ في العاجلِ والآجلِ
وتارةً بذكرِ قصصِ الرسلْ *** ودعوةِ الأقوامِ ثُمَّ ما حصلْ
ثُم اعلمنْ أنَّهُ خيرُ شاهدِ *** على نبوةِ الأمينِ الأحمــــدِ
لأنهُ الأُميُّ ما خطَّ القلمْ *** وأعجزَ العُربانَ صاروا كالعجمْ
وقد تحدى إنسَهم وجنَهم *** ولمْ يزلْ ؛ أليس ذاكَ حسبُهم ؟!
والمعجزاتُ في حياتهِ جرتْ *** ثم إلى يوم القيامِ قد سرتْ
قد أخبرَ بما جرى مما سبقْ *** وقررَ ما قررَ وقد صدقْ
قد صدَّق الرسْلَ الكرامَ كلهم *** وقد دعا منتهجًا منهاجهم
بل أخــبرَ بأنهُ في كُتْبِهم *** فلينكـروا فإنهُ في وسعهم!!
أيدهُ الربُّ الحكيمُ فانتصرْ *** فمن رماهُ إنما يرمي القدرْ
واعلمْ بأنَّـــــهُ المعــادَ قّرَّرا *** مُبشـــرًا بوعدهِ ومُنذرا
كم يذكـرُ القـــيامةَ وأكثـرا *** وأخـــبرَ بما بها مُحـذرا
بل أقســـمَ ببعثهم وحشرِهم *** كذاكَ بالقـــيامةِ ونشرِهم
مذكـــرًا لهم بأنَّ خلقهم *** من عــدمٍ هو دليلُ بعثهم
بل أحيا بعضَ خلقهِ دونَ امترا***مع الخليلِ والمسيحِ قد جرى
كذا الذي مرَّ على خاوي القرى *** كذا الألوفُ بعدَ موتٍ أنشرا
وما يروا من بعثهِ الأرضَ بدا***والحكمةُ لا يتركُ الخلقَ سُدى
وأنهُ القديــرُ والمقتدرُ *** وأنهُ الخـــــــــلاقُ والمصـــــورُ
فمن يظنُ أنه لا يُنـــشرُهْ *** فكافـرٌ كذا ومن لا يُكْفِرُهْ
طرق الدعوة والتعليم
مع المؤمنين أو مع الكافرين
واعلم بأنه أتى بالحــكمةِ *** يعلمُ الناسَ سبيل الدعوةِ
فيجملُ القصةَ ثم يبسطُ *** فالمجملُ الأولُ أصلٌ ضابطُ
فيهِ المرادُ الأولُ ثم يَردْ *** تبيانُ كلِّ حــدثٍ فيها وردْ
كالكهفِ أو في يوسفَ وغيرِها***وذاك فضلٌ يُؤتَهُ أولو النُّهى
يقرنُ بين الرغبةِ والرهبةِ *** ويجمعُ البِشرَ مع النِّذارةِ
ومثلـُهُ انتقالــُهُ مُقرِرا *** نــفيًا فإثباتًا وعكسُهُ جـرى
فينفي كلَّ باطلٍ لا يُرتضى***ويثبتُ الحقَّ الصحيحَ المرتضى
يردُّ كلَّ ما أتوا من الشُبهْ *** حتى تصـيرَ حجةً لا تشتبهْ
واعلمْ طريقةَ القُرانِ حيــنما *** يُـخاطبُ الذي اتقى وأسلما
يأمــرُ أو ينهى بوُدٍ ظاهرِ *** معْ وصفهم بكلِّ وصفٍ طاهرِ
كـ"المؤمنينَ""المتقينَ""تشكروا" ***" الذاكرينَ" ربَّهم "فاستغفروا"
أو يأمرُ مُعقـبًا "لعلكمْ" *** مُعلـِّـقًا " إن كنتمُو " وذلـكمْ
حثًا على القيامِ باللوازمِ *** أي : حققوا الوصفَ بفعلٍ حازمِ
كقولِهِ للمؤمنينَ" إتقوا" *** و" آمنوا " و "أوفوا " " لاتفرقوا"
أي : أكملوا إسلامَكم "وآمنوا" *** وأتمموا إيمانَكم " وأحسنوا "
وتارةً يأتي بقولهِ " اذكروا " *** أو" إن تعدوا نعمةً " لا تقدروا
مُـذكرًا لهم بمنـِّــهِ وما *** قد خصَّهم ؛فليشكروا ما أنعما
بالقولِ والأعمالِ دُمْ لا تبرحِ *** بالقلبِ واللسانِ والجوارحِ
وتارةً يُرغِّبُ بوعـــدهِ *** و يُرْهِــبُ كذاكَ من وعيـدهِ
"إنَّ الذين آمنوا " في الجنةِ *** " ناضرةٌ " وجوهُهم بالرؤيةِ
والكافرون في الجحيم أبدا *** " باسرةٌ " وجوهُهم من الردى
وتـارةً يَذكـرُ من أسمائهِ *** ووصــفهِ كذاكَ من أفعالِهِ
وكلُّها داعٍ إلــى محبتهْ *** مع الرجا والخوفِ في عبادتهْ
مُذكـرًا فيها لهُم بـحقَّــهِ *** أنْ يعبـدوهُ دونما شركٍ بهِ
محذرًا لهم طرائقَ الردى *** وحزبةَ الشيطانِ أعداءَ الهُدى
لاتسلكوا مسالكَ الحيارى *** لا تُشبِهوا اليهود والنصارى
في كلِّ ما فيهِ "ولا تكن"كذا *** أو" لا تكونوا "مثلَهم ونحوِ ذا
واعلم طريقةَ الكتابِ تهتدِ *** في دعوةِ الكفـورِ والمعاندِ
يُعدِّدُ المحاسنَ العظيمــةَ *** ويُظهـرُ الفضائلَ الكريمــةَ
بأنهُ ديـــنُ الإلهِ الأكــرمِ *** ليس له دينٌ سواهُ فاعلمِ
بهِ على كلِّ نبيٍّ أَنـزلا *** في كلِّ أُمةٍ بهِ قد أرســـلا
لأنهُ الحـــقُّ الذي لا ينبغي *** لعاقـلٍ لما سواهُ يبتــغي
فهْوَ الذي يدعو إلى الكرامةِ *** أنْ يُعبدَ الربُّ بلا شــــراكةِ
وغيـــــرُهُ عبــادةٌ للبشرِ *** والوثنِ والصـــنمِ والحجرِ
فلتُسلمِ الوجهَ وأســلِمْ تسلمِ *** فإنهُ دينُ الصـلاح الأعظمِ
رسولُهُ خيرُ رسـول أُرسـلا *** كتــابُهُ خيرُ كتابٍ أُنزلا
قد صانَهُ الله الحـفــيظُ كاملا *** وغيرُهُ قد حُــرِّفَ وبُدِّلا
أخبــارُهُ صادقةٌ دونَ امترا *** أحكـامُهُ عــادلةٌ بينَ الـورى
فشرعه به الحيـاةُ تُرْتَفَعْ *** للفرد ِ أو للأســـرةٍ والمجتمعْ
فيهِ حــياةُ كلِّ قلبٍ ميتِ *** بالذكرِ والصــلاةِ والعبادةِ
يدعو إلى الإنفاقِ والتكافلِ *** يدعو إلى الأخلاق والفضائلِ
يُنظِّمُ حيـــاةَ كلِّ أسرةِ *** من الزواج وإلى النهـــايةِ
يُـقرّرُ المصــالحَ للمجتمعْ *** ويدفعُ المفاســـدَ فتندفعْ
حدودهُ تقضي على الجرائمِ *** قصاصُهُ فيه الحيـاةُ فاعلمِ
يدعو إلى الإعدادِ كيما تقدروا *** تجاهدوا الكفار ثمّ تنصروا
وتنشروا الحقَّ على كلِّ البشرْ *** فالحقّ يحتاج القُوى كي ينتشرْ
فهذه بعضُ المحاسنِ التي *** في شرعنا والحصرُ فوق القدرةِ
وتارةً مذكـّـرًا بنعمتـِهْ *** وتارةً محــــذِّرًا من نقمتـِهْ
إن تشكروا فهْوَ الرضا عليكمو *** أو تكفروا فهْوَ الغنيُّ عنكمو
وتارةً يحـذرُ الذي مضى *** للأممِ وما جرى بهِ القـضـا
وأنَّ مانعَ الهدايةِ هُـــوَ *** تكــبرٌ مع اتباعٍ الهوى
وتارةً يُبينُ انحــرافهم *** وما أتى من باطلٍ في ديــنهم
ويقرن ما عندهم بما أتى *** في ديننا من كل حقٍّ أُثبتا
فيظهرُ الحقُّ جليًّا ينشرحْ *** بهِ فؤادُ مُنصفٍ وينفتحْ
فهذه بعض طرائق الهُدى *** في دعوةِ الكفارِ أو أهلِ الردى
واعلم طريقةَ الكتابِ الكاملِ *** يجادلُ كلَّ كفورٍ جاهلِ
يلزمُهم بما أقروا أولا *** هل دونهُ من خالقٍ؟! ؛ فقالوا: لا!.
إنْ نزل الضرُّ ؛ فمن ذا يرفعُه ؟!! *** أو رُفعَ الخيرُ؛ فمن ذا يُرجعُهْ ؟!!
من يَأكلُ الطعامَ،أم من يرزقُهْ ؟!***من ضرُّهُ أقربُ،أم من يملكُهْ؟!
أليسَ إذلالا سؤالُكَ إلى *** منْ مثلُكَ قد خُلقَ ؛ فقلْ : بلى !
وتارةً يُعجزهم بقولِهِ *** فليأتوا أدنى سورةٍ من مثلهِ
وأنه أتى بما أتى الرسلْ *** فجحدُهُ جحدٌ لهم لا ينفصلْ
وأنهُ ليس ببدعٍ يُتهمْ *** فما جرى لهُ فقد جرى لهمْ
وكيفَ كان المرسلونَ يُنذروا؟! *** وكيفَ ردوا الشُبهَ وناظروا؟!
كما جرى لإبراهيمَ والملِكْ *** ونــاظرَ القومَ العبيدَ للفَلكْ
وناظـرَ الكليمُ فرعونَ فما *** قـامَ لــهُ لكنـَّهُ تــصرَّما
فهذه مراتبٌ للدعوةِ *** بالحكمةِ والعظةِ والحجةِ
فالحكمةُ للمستجيبِ القابلِ *** والعِظةُ حالَ انشغالِ الغافلِ
أما المعاندُ الجحودُ الأرعنُ *** فهْوَ الجدالُ بالتي هيْ أحسنُ ( )
ونيةُ الداعي رجاءُ الاهتدا *** ليس قيامُ حُجةٍ دونَ الهُدى
لذاكَ قال : فاذهبا قولا لهُ *** من الـكلامِ ليّــــنًا لعلهُ
فانظرْ هداكَ اللهُ ذا واعملْ بهِ *** وادعُ إلى الله ولُذْ بحولِهِ
فتحُ الكريمِ المنان
بنظم أساليب الدعوة في القرآن
مقدمة
بسمِ الإلهِ القادرِ المنانِ *** حمدًا لذي الإنعام والإحسانِ
ثم صلاةُ اللهِ معْ سلامهِ *** على الرسولِ المصطفى وآلهِ
وبعدُ ذي بعونِ ذي الإحسانِ ***منظومةٌ في دعوةِ القـُرانِ
مبتدئًا مطلعَ كلِّ قاعدةْ ***بقولي اعلمْ ؛ فانتبهْ ذي قاعدةْ
ولنبدأ الكـــــــــلامَ ولتـنتبهِ *** فإنّـك المـــرادُ أولًا بـــــهِ
هداية القرآن
إلى كل خير وكيفية تحصيل ذلك
اعلمْ ـ هُديتَ ـ أنَّ أقومَ الطُرقْ *** عقيدةً وعملًا وفي الخُلقْ
وفي سيـاسةٍ وغيرِ ذلكـــا *** قرآنُنا الأهـــدى لمن تمسَّكا
فلنأخذِ العقيدةَ منهُ كما *** جاءتْ بلا كيفَ يكونُ؟! أو لِمَ ؟!
ولنأخذِ التعبدَ مع الخـُلقْ *** مع السلوكِ كلِّها لا تفترِقْ
ولنجعلِ القُرانَ نبراسًا لنا *** في كلِّ شيءٍ كان في حياتنا
ثم اعلمنْ بأنَّ خيرًا تؤتهُ *** لابــــدَ أنْ تأتي لهُ أبــــــوابهُ
وكلُّ خيرٍ قد أتى في ديننا *** وبابـــهُ صحـــــــــابةُ نبيِّـنا
قدْ فسرَ القُرانَ كلَّهُ لهمْ ***وعايشوا التنزيل ذاكَ حسبُهمْ
ما جــــاوزوا العَشرَ من المُنزَّلِ *** إلا مع العلمِ بها والعملِ
يصدقون ما أتى من الخبرْ *** ينفـــــــذون ما نهى وما أمرْ
وأصل ذاكَ أنَّ لغة العربْ***جِماعُها في الخبرِ وفي الطلبْ( )
تقرير القرآن أنواع التوحيد الثلاثة :
الربوبية والأسماء والصفات والألوهية
ثُمَّ اعلمَنْ طريقةَ القــرآنِ *** يقررُ التوحـيدَ للرحــــمــنِ
أنْ يُعبدَ من غير ما شركٍ بهِ *** في العلمِ والإخبارِ أوفي قصــدِهِ
أنْ يُفردَ تعـــــالى في رُبوبتهْ *** وفي صفــاتهِ وفي أُلــــوهتهْ
اتفاق الشرائع في التوحيد والمعاد والنبوات
واعلمْ بأنَّهُ يكـــــادُ كلّهُ *** يُقررُ التوحــــــيدَ ينفي ضدَّهُ
فتــــارةً بأنَّهُ الخـــــلَّاقُ *** المـــــــــالكُ القديرُ والرزاقُ
وتــــارةً بما أتى من وصــــــفهِ *** وتــــــارةً بأمـــــرهِ ونهيهِ
وتـارةً بذكرِ حُسنِ الموئلِ *** أو قبحهِ في العاجلِ والآجلِ
وتارةً بذكرِ قصصِ الرسلْ *** ودعوةِ الأقوامِ ثُمَّ ما حصلْ
ثُم اعلمنْ أنَّهُ خيرُ شاهدِ *** على نبوةِ الأمينِ الأحمــــدِ
لأنهُ الأُميُّ ما خطَّ القلمْ *** وأعجزَ العُربانَ صاروا كالعجمْ
وقد تحدى إنسَهم وجنَهم *** ولمْ يزلْ ؛ أليس ذاكَ حسبُهم ؟!
والمعجزاتُ في حياتهِ جرتْ *** ثم إلى يوم القيامِ قد سرتْ
قد أخبرَ بما جرى مما سبقْ *** وقررَ ما قررَ وقد صدقْ
قد صدَّق الرسْلَ الكرامَ كلهم *** وقد دعا منتهجًا منهاجهم
بل أخــبرَ بأنهُ في كُتْبِهم *** فلينكـروا فإنهُ في وسعهم!!
أيدهُ الربُّ الحكيمُ فانتصرْ *** فمن رماهُ إنما يرمي القدرْ
واعلمْ بأنَّـــــهُ المعــادَ قّرَّرا *** مُبشـــرًا بوعدهِ ومُنذرا
كم يذكـرُ القـــيامةَ وأكثـرا *** وأخـــبرَ بما بها مُحـذرا
بل أقســـمَ ببعثهم وحشرِهم *** كذاكَ بالقـــيامةِ ونشرِهم
مذكـــرًا لهم بأنَّ خلقهم *** من عــدمٍ هو دليلُ بعثهم
بل أحيا بعضَ خلقهِ دونَ امترا***مع الخليلِ والمسيحِ قد جرى
كذا الذي مرَّ على خاوي القرى *** كذا الألوفُ بعدَ موتٍ أنشرا
وما يروا من بعثهِ الأرضَ بدا***والحكمةُ لا يتركُ الخلقَ سُدى
وأنهُ القديــرُ والمقتدرُ *** وأنهُ الخـــــــــلاقُ والمصـــــورُ
فمن يظنُ أنه لا يُنـــشرُهْ *** فكافـرٌ كذا ومن لا يُكْفِرُهْ
طرق الدعوة والتعليم
مع المؤمنين أو مع الكافرين
واعلم بأنه أتى بالحــكمةِ *** يعلمُ الناسَ سبيل الدعوةِ
فيجملُ القصةَ ثم يبسطُ *** فالمجملُ الأولُ أصلٌ ضابطُ
فيهِ المرادُ الأولُ ثم يَردْ *** تبيانُ كلِّ حــدثٍ فيها وردْ
كالكهفِ أو في يوسفَ وغيرِها***وذاك فضلٌ يُؤتَهُ أولو النُّهى
يقرنُ بين الرغبةِ والرهبةِ *** ويجمعُ البِشرَ مع النِّذارةِ
ومثلـُهُ انتقالــُهُ مُقرِرا *** نــفيًا فإثباتًا وعكسُهُ جـرى
فينفي كلَّ باطلٍ لا يُرتضى***ويثبتُ الحقَّ الصحيحَ المرتضى
يردُّ كلَّ ما أتوا من الشُبهْ *** حتى تصـيرَ حجةً لا تشتبهْ
واعلمْ طريقةَ القُرانِ حيــنما *** يُـخاطبُ الذي اتقى وأسلما
يأمــرُ أو ينهى بوُدٍ ظاهرِ *** معْ وصفهم بكلِّ وصفٍ طاهرِ
كـ"المؤمنينَ""المتقينَ""تشكروا" ***" الذاكرينَ" ربَّهم "فاستغفروا"
أو يأمرُ مُعقـبًا "لعلكمْ" *** مُعلـِّـقًا " إن كنتمُو " وذلـكمْ
حثًا على القيامِ باللوازمِ *** أي : حققوا الوصفَ بفعلٍ حازمِ
كقولِهِ للمؤمنينَ" إتقوا" *** و" آمنوا " و "أوفوا " " لاتفرقوا"
أي : أكملوا إسلامَكم "وآمنوا" *** وأتمموا إيمانَكم " وأحسنوا "
وتارةً يأتي بقولهِ " اذكروا " *** أو" إن تعدوا نعمةً " لا تقدروا
مُـذكرًا لهم بمنـِّــهِ وما *** قد خصَّهم ؛فليشكروا ما أنعما
بالقولِ والأعمالِ دُمْ لا تبرحِ *** بالقلبِ واللسانِ والجوارحِ
وتارةً يُرغِّبُ بوعـــدهِ *** و يُرْهِــبُ كذاكَ من وعيـدهِ
"إنَّ الذين آمنوا " في الجنةِ *** " ناضرةٌ " وجوهُهم بالرؤيةِ
والكافرون في الجحيم أبدا *** " باسرةٌ " وجوهُهم من الردى
وتـارةً يَذكـرُ من أسمائهِ *** ووصــفهِ كذاكَ من أفعالِهِ
وكلُّها داعٍ إلــى محبتهْ *** مع الرجا والخوفِ في عبادتهْ
مُذكـرًا فيها لهُم بـحقَّــهِ *** أنْ يعبـدوهُ دونما شركٍ بهِ
محذرًا لهم طرائقَ الردى *** وحزبةَ الشيطانِ أعداءَ الهُدى
لاتسلكوا مسالكَ الحيارى *** لا تُشبِهوا اليهود والنصارى
في كلِّ ما فيهِ "ولا تكن"كذا *** أو" لا تكونوا "مثلَهم ونحوِ ذا
واعلم طريقةَ الكتابِ تهتدِ *** في دعوةِ الكفـورِ والمعاندِ
يُعدِّدُ المحاسنَ العظيمــةَ *** ويُظهـرُ الفضائلَ الكريمــةَ
بأنهُ ديـــنُ الإلهِ الأكــرمِ *** ليس له دينٌ سواهُ فاعلمِ
بهِ على كلِّ نبيٍّ أَنـزلا *** في كلِّ أُمةٍ بهِ قد أرســـلا
لأنهُ الحـــقُّ الذي لا ينبغي *** لعاقـلٍ لما سواهُ يبتــغي
فهْوَ الذي يدعو إلى الكرامةِ *** أنْ يُعبدَ الربُّ بلا شــــراكةِ
وغيـــــرُهُ عبــادةٌ للبشرِ *** والوثنِ والصـــنمِ والحجرِ
فلتُسلمِ الوجهَ وأســلِمْ تسلمِ *** فإنهُ دينُ الصـلاح الأعظمِ
رسولُهُ خيرُ رسـول أُرسـلا *** كتــابُهُ خيرُ كتابٍ أُنزلا
قد صانَهُ الله الحـفــيظُ كاملا *** وغيرُهُ قد حُــرِّفَ وبُدِّلا
أخبــارُهُ صادقةٌ دونَ امترا *** أحكـامُهُ عــادلةٌ بينَ الـورى
فشرعه به الحيـاةُ تُرْتَفَعْ *** للفرد ِ أو للأســـرةٍ والمجتمعْ
فيهِ حــياةُ كلِّ قلبٍ ميتِ *** بالذكرِ والصــلاةِ والعبادةِ
يدعو إلى الإنفاقِ والتكافلِ *** يدعو إلى الأخلاق والفضائلِ
يُنظِّمُ حيـــاةَ كلِّ أسرةِ *** من الزواج وإلى النهـــايةِ
يُـقرّرُ المصــالحَ للمجتمعْ *** ويدفعُ المفاســـدَ فتندفعْ
حدودهُ تقضي على الجرائمِ *** قصاصُهُ فيه الحيـاةُ فاعلمِ
يدعو إلى الإعدادِ كيما تقدروا *** تجاهدوا الكفار ثمّ تنصروا
وتنشروا الحقَّ على كلِّ البشرْ *** فالحقّ يحتاج القُوى كي ينتشرْ
فهذه بعضُ المحاسنِ التي *** في شرعنا والحصرُ فوق القدرةِ
وتارةً مذكـّـرًا بنعمتـِهْ *** وتارةً محــــذِّرًا من نقمتـِهْ
إن تشكروا فهْوَ الرضا عليكمو *** أو تكفروا فهْوَ الغنيُّ عنكمو
وتارةً يحـذرُ الذي مضى *** للأممِ وما جرى بهِ القـضـا
وأنَّ مانعَ الهدايةِ هُـــوَ *** تكــبرٌ مع اتباعٍ الهوى
وتارةً يُبينُ انحــرافهم *** وما أتى من باطلٍ في ديــنهم
ويقرن ما عندهم بما أتى *** في ديننا من كل حقٍّ أُثبتا
فيظهرُ الحقُّ جليًّا ينشرحْ *** بهِ فؤادُ مُنصفٍ وينفتحْ
فهذه بعض طرائق الهُدى *** في دعوةِ الكفارِ أو أهلِ الردى
واعلم طريقةَ الكتابِ الكاملِ *** يجادلُ كلَّ كفورٍ جاهلِ
يلزمُهم بما أقروا أولا *** هل دونهُ من خالقٍ؟! ؛ فقالوا: لا!.
إنْ نزل الضرُّ ؛ فمن ذا يرفعُه ؟!! *** أو رُفعَ الخيرُ؛ فمن ذا يُرجعُهْ ؟!!
من يَأكلُ الطعامَ،أم من يرزقُهْ ؟!***من ضرُّهُ أقربُ،أم من يملكُهْ؟!
أليسَ إذلالا سؤالُكَ إلى *** منْ مثلُكَ قد خُلقَ ؛ فقلْ : بلى !
وتارةً يُعجزهم بقولِهِ *** فليأتوا أدنى سورةٍ من مثلهِ
وأنه أتى بما أتى الرسلْ *** فجحدُهُ جحدٌ لهم لا ينفصلْ
وأنهُ ليس ببدعٍ يُتهمْ *** فما جرى لهُ فقد جرى لهمْ
وكيفَ كان المرسلونَ يُنذروا؟! *** وكيفَ ردوا الشُبهَ وناظروا؟!
كما جرى لإبراهيمَ والملِكْ *** ونــاظرَ القومَ العبيدَ للفَلكْ
وناظـرَ الكليمُ فرعونَ فما *** قـامَ لــهُ لكنـَّهُ تــصرَّما
فهذه مراتبٌ للدعوةِ *** بالحكمةِ والعظةِ والحجةِ
فالحكمةُ للمستجيبِ القابلِ *** والعِظةُ حالَ انشغالِ الغافلِ
أما المعاندُ الجحودُ الأرعنُ *** فهْوَ الجدالُ بالتي هيْ أحسنُ ( )
ونيةُ الداعي رجاءُ الاهتدا *** ليس قيامُ حُجةٍ دونَ الهُدى
لذاكَ قال : فاذهبا قولا لهُ *** من الـكلامِ ليّــــنًا لعلهُ
فانظرْ هداكَ اللهُ ذا واعملْ بهِ *** وادعُ إلى الله ولُذْ بحولِهِ