فتحُ الكريمِ المنان بنظم أساليب الدعوة في القرآن

فتحُ الكريمِ المنان بنظم أساليب الدعوة في القرآن

بِسْمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ
فتحُ الكريمِ المنان
بنظم أساليب الدعوة في القرآن
مقدمة
بسمِ الإلهِ القادرِ المنانِ *** حمدًا لذي الإنعام والإحسانِ 
ثم صلاةُ اللهِ معْ سلامهِ *** على الرسولِ المصطفى وآلهِ
وبعدُ ذي بعونِ ذي الإحسانِ ***منظومةٌ في دعوةِ القـُرانِ
مبتدئًا مطلعَ كلِّ قاعدةْ ***بقولي اعلمْ ؛ فانتبهْ ذي قاعدةْ
ولنبدأ الكـــــــــلامَ ولتـنتبهِ *** فإنّـك المـــرادُ أولًا بـــــهِ
هداية القرآن
إلى كل خير وكيفية تحصيل ذلك
اعلمْ ـ هُديتَ ـ أنَّ أقومَ الطُرقْ *** عقيدةً وعملًا وفي الخُلقْ
وفي سيـاسةٍ وغيرِ ذلكـــا *** قرآنُنا الأهـــدى لمن تمسَّكا
فلنأخذِ العقيدةَ منهُ كما *** جاءتْ بلا كيفَ يكونُ؟! أو لِمَ ؟!
ولنأخذِ التعبدَ مع الخـُلقْ *** مع السلوكِ كلِّها لا تفترِقْ
ولنجعلِ القُرانَ نبراسًا لنا *** في كلِّ شيءٍ كان في حياتنا
ثم اعلمنْ بأنَّ خيرًا تؤتهُ *** لابــــدَ أنْ تأتي لهُ أبــــــوابهُ
وكلُّ خيرٍ قد أتى في ديننا *** وبابـــهُ صحـــــــــابةُ نبيِّـنا
قدْ فسرَ القُرانَ كلَّهُ لهمْ ***وعايشوا التنزيل ذاكَ حسبُهمْ
ما جــــاوزوا العَشرَ من المُنزَّلِ *** إلا مع العلمِ بها والعملِ
يصدقون ما أتى من الخبرْ *** ينفـــــــذون ما نهى وما أمرْ
وأصل ذاكَ أنَّ لغة العربْ***جِماعُها في الخبرِ وفي الطلبْ( )
تقرير القرآن أنواع التوحيد الثلاثة :
الربوبية والأسماء والصفات والألوهية
ثُمَّ اعلمَنْ طريقةَ القــرآنِ *** يقررُ التوحـيدَ للرحــــمــنِ
أنْ يُعبدَ من غير ما شركٍ بهِ *** في العلمِ والإخبارِ أوفي قصــدِهِ
أنْ يُفردَ تعـــــالى في رُبوبتهْ *** وفي صفــاتهِ وفي أُلــــوهتهْ
اتفاق الشرائع في التوحيد والمعاد والنبوات
واعلمْ بأنَّهُ يكـــــادُ كلّهُ *** يُقررُ التوحــــــيدَ ينفي ضدَّهُ
فتــــارةً بأنَّهُ الخـــــلَّاقُ *** المـــــــــالكُ القديرُ والرزاقُ
وتــــارةً بما أتى من وصــــــفهِ *** وتــــــارةً بأمـــــرهِ ونهيهِ
وتـارةً بذكرِ حُسنِ الموئلِ *** أو قبحهِ في العاجلِ والآجلِ
وتارةً بذكرِ قصصِ الرسلْ *** ودعوةِ الأقوامِ ثُمَّ ما حصلْ
ثُم اعلمنْ أنَّهُ خيرُ شاهدِ *** على نبوةِ الأمينِ الأحمــــدِ
لأنهُ الأُميُّ ما خطَّ القلمْ *** وأعجزَ العُربانَ صاروا كالعجمْ
وقد تحدى إنسَهم وجنَهم *** ولمْ يزلْ ؛ أليس ذاكَ حسبُهم ؟!
والمعجزاتُ في حياتهِ جرتْ *** ثم إلى يوم القيامِ قد سرتْ
قد أخبرَ بما جرى مما سبقْ *** وقررَ ما قررَ وقد صدقْ
قد صدَّق الرسْلَ الكرامَ كلهم *** وقد دعا منتهجًا منهاجهم
بل أخــبرَ بأنهُ في كُتْبِهم *** فلينكـروا فإنهُ في وسعهم!!
أيدهُ الربُّ الحكيمُ فانتصرْ *** فمن رماهُ إنما يرمي القدرْ
واعلمْ بأنَّـــــهُ المعــادَ قّرَّرا *** مُبشـــرًا بوعدهِ ومُنذرا
كم يذكـرُ القـــيامةَ وأكثـرا *** وأخـــبرَ بما بها مُحـذرا
بل أقســـمَ ببعثهم وحشرِهم *** كذاكَ بالقـــيامةِ ونشرِهم
مذكـــرًا لهم بأنَّ خلقهم *** من عــدمٍ هو دليلُ بعثهم
بل أحيا بعضَ خلقهِ دونَ امترا***مع الخليلِ والمسيحِ قد جرى
كذا الذي مرَّ على خاوي القرى *** كذا الألوفُ بعدَ موتٍ أنشرا
وما يروا من بعثهِ الأرضَ بدا***والحكمةُ لا يتركُ الخلقَ سُدى
وأنهُ القديــرُ والمقتدرُ *** وأنهُ الخـــــــــلاقُ والمصـــــورُ
فمن يظنُ أنه لا يُنـــشرُهْ *** فكافـرٌ كذا ومن لا يُكْفِرُهْ
طرق الدعوة والتعليم
مع المؤمنين أو مع الكافرين
واعلم بأنه أتى بالحــكمةِ *** يعلمُ الناسَ سبيل الدعوةِ
فيجملُ القصةَ ثم يبسطُ *** فالمجملُ الأولُ أصلٌ ضابطُ
فيهِ المرادُ الأولُ ثم يَردْ *** تبيانُ كلِّ حــدثٍ فيها وردْ
كالكهفِ أو في يوسفَ وغيرِها***وذاك فضلٌ يُؤتَهُ أولو النُّهى
يقرنُ بين الرغبةِ والرهبةِ *** ويجمعُ البِشرَ مع النِّذارةِ
ومثلـُهُ انتقالــُهُ مُقرِرا *** نــفيًا فإثباتًا وعكسُهُ جـرى
فينفي كلَّ باطلٍ لا يُرتضى***ويثبتُ الحقَّ الصحيحَ المرتضى
يردُّ كلَّ ما أتوا من الشُبهْ *** حتى تصـيرَ حجةً لا تشتبهْ
واعلمْ طريقةَ القُرانِ حيــنما *** يُـخاطبُ الذي اتقى وأسلما
يأمــرُ أو ينهى بوُدٍ ظاهرِ *** معْ وصفهم بكلِّ وصفٍ طاهرِ
كـ"المؤمنينَ""المتقينَ""تشكروا" ***" الذاكرينَ" ربَّهم "فاستغفروا"
أو يأمرُ مُعقـبًا "لعلكمْ" *** مُعلـِّـقًا " إن كنتمُو " وذلـكمْ
حثًا على القيامِ باللوازمِ *** أي : حققوا الوصفَ بفعلٍ حازمِ
كقولِهِ للمؤمنينَ" إتقوا" *** و" آمنوا " و "أوفوا " " لاتفرقوا"
أي : أكملوا إسلامَكم "وآمنوا" *** وأتمموا إيمانَكم " وأحسنوا "
وتارةً يأتي بقولهِ " اذكروا " *** أو" إن تعدوا نعمةً " لا تقدروا
مُـذكرًا لهم بمنـِّــهِ وما *** قد خصَّهم ؛فليشكروا ما أنعما
بالقولِ والأعمالِ دُمْ لا تبرحِ *** بالقلبِ واللسانِ والجوارحِ
وتارةً يُرغِّبُ بوعـــدهِ *** و يُرْهِــبُ كذاكَ من وعيـدهِ
"إنَّ الذين آمنوا " في الجنةِ *** " ناضرةٌ " وجوهُهم بالرؤيةِ
والكافرون في الجحيم أبدا *** " باسرةٌ " وجوهُهم من الردى
وتـارةً يَذكـرُ من أسمائهِ *** ووصــفهِ كذاكَ من أفعالِهِ
وكلُّها داعٍ إلــى محبتهْ *** مع الرجا والخوفِ في عبادتهْ
مُذكـرًا فيها لهُم بـحقَّــهِ *** أنْ يعبـدوهُ دونما شركٍ بهِ
محذرًا لهم طرائقَ الردى *** وحزبةَ الشيطانِ أعداءَ الهُدى
لاتسلكوا مسالكَ الحيارى *** لا تُشبِهوا اليهود والنصارى
في كلِّ ما فيهِ "ولا تكن"كذا *** أو" لا تكونوا "مثلَهم ونحوِ ذا
واعلم طريقةَ الكتابِ تهتدِ *** في دعوةِ الكفـورِ والمعاندِ
يُعدِّدُ المحاسنَ العظيمــةَ *** ويُظهـرُ الفضائلَ الكريمــةَ
بأنهُ ديـــنُ الإلهِ الأكــرمِ *** ليس له دينٌ سواهُ فاعلمِ
بهِ على كلِّ نبيٍّ أَنـزلا *** في كلِّ أُمةٍ بهِ قد أرســـلا
لأنهُ الحـــقُّ الذي لا ينبغي *** لعاقـلٍ لما سواهُ يبتــغي
فهْوَ الذي يدعو إلى الكرامةِ *** أنْ يُعبدَ الربُّ بلا شــــراكةِ
وغيـــــرُهُ عبــادةٌ للبشرِ *** والوثنِ والصـــنمِ والحجرِ
فلتُسلمِ الوجهَ وأســلِمْ تسلمِ *** فإنهُ دينُ الصـلاح الأعظمِ
رسولُهُ خيرُ رسـول أُرسـلا *** كتــابُهُ خيرُ كتابٍ أُنزلا
قد صانَهُ الله الحـفــيظُ كاملا *** وغيرُهُ قد حُــرِّفَ وبُدِّلا
أخبــارُهُ صادقةٌ دونَ امترا *** أحكـامُهُ عــادلةٌ بينَ الـورى
فشرعه به الحيـاةُ تُرْتَفَعْ *** للفرد ِ أو للأســـرةٍ والمجتمعْ
فيهِ حــياةُ كلِّ قلبٍ ميتِ *** بالذكرِ والصــلاةِ والعبادةِ
يدعو إلى الإنفاقِ والتكافلِ *** يدعو إلى الأخلاق والفضائلِ
يُنظِّمُ حيـــاةَ كلِّ أسرةِ *** من الزواج وإلى النهـــايةِ
يُـقرّرُ المصــالحَ للمجتمعْ *** ويدفعُ المفاســـدَ فتندفعْ
حدودهُ تقضي على الجرائمِ *** قصاصُهُ فيه الحيـاةُ فاعلمِ
يدعو إلى الإعدادِ كيما تقدروا *** تجاهدوا الكفار ثمّ تنصروا
وتنشروا الحقَّ على كلِّ البشرْ *** فالحقّ يحتاج القُوى كي ينتشرْ
فهذه بعضُ المحاسنِ التي *** في شرعنا والحصرُ فوق القدرةِ
وتارةً مذكـّـرًا بنعمتـِهْ *** وتارةً محــــذِّرًا من نقمتـِهْ
إن تشكروا فهْوَ الرضا عليكمو *** أو تكفروا فهْوَ الغنيُّ عنكمو
وتارةً يحـذرُ الذي مضى *** للأممِ وما جرى بهِ القـضـا
وأنَّ مانعَ الهدايةِ هُـــوَ *** تكــبرٌ مع اتباعٍ الهوى
وتارةً يُبينُ انحــرافهم *** وما أتى من باطلٍ في ديــنهم
ويقرن ما عندهم بما أتى *** في ديننا من كل حقٍّ أُثبتا
فيظهرُ الحقُّ جليًّا ينشرحْ *** بهِ فؤادُ مُنصفٍ وينفتحْ
فهذه بعض طرائق الهُدى *** في دعوةِ الكفارِ أو أهلِ الردى
واعلم طريقةَ الكتابِ الكاملِ *** يجادلُ كلَّ كفورٍ جاهلِ
يلزمُهم بما أقروا أولا *** هل دونهُ من خالقٍ؟! ؛ فقالوا: لا!.
إنْ نزل الضرُّ ؛ فمن ذا يرفعُه ؟!! *** أو رُفعَ الخيرُ؛ فمن ذا يُرجعُهْ ؟!!
من يَأكلُ الطعامَ،أم من يرزقُهْ ؟!***من ضرُّهُ أقربُ،أم من يملكُهْ؟!
أليسَ إذلالا سؤالُكَ إلى *** منْ مثلُكَ قد خُلقَ ؛ فقلْ : بلى !
وتارةً يُعجزهم بقولِهِ *** فليأتوا أدنى سورةٍ من مثلهِ
وأنه أتى بما أتى الرسلْ *** فجحدُهُ جحدٌ لهم لا ينفصلْ
وأنهُ ليس ببدعٍ يُتهمْ *** فما جرى لهُ فقد جرى لهمْ
وكيفَ كان المرسلونَ يُنذروا؟! *** وكيفَ ردوا الشُبهَ وناظروا؟!
كما جرى لإبراهيمَ والملِكْ *** ونــاظرَ القومَ العبيدَ للفَلكْ
وناظـرَ الكليمُ فرعونَ فما *** قـامَ لــهُ لكنـَّهُ تــصرَّما
فهذه مراتبٌ للدعوةِ *** بالحكمةِ والعظةِ والحجةِ
فالحكمةُ للمستجيبِ القابلِ *** والعِظةُ حالَ انشغالِ الغافلِ
أما المعاندُ الجحودُ الأرعنُ *** فهْوَ الجدالُ بالتي هيْ أحسنُ ( )
ونيةُ الداعي رجاءُ الاهتدا *** ليس قيامُ حُجةٍ دونَ الهُدى
لذاكَ قال : فاذهبا قولا لهُ *** من الـكلامِ ليّــــنًا لعلهُ
فانظرْ هداكَ اللهُ ذا واعملْ بهِ *** وادعُ إلى الله ولُذْ بحولِهِ
خاتمة الموقع نستودعكم الله