بات الأمـر أكـبر مما كان نحـسب، والفتن أسرع مما كنا نظن، كنا نظنها تأتي رويدا رويدا؛ فإذا بها تهـجم فجـأة، وتقتحـمنا لا تدع بيت وبر ولا مدر؛ فكيف ونحن نستقبلها من أرض القِبلة؟!
إن الأمر جدّ مفزع، ومهول!؛ ولولا موات قلوبنا، وغلبة الآثام فينا؛ لتصدعت أفئدتنا خـشية مما ترى؛ فكـيف بما يُترقـب من ورائه؟!
وكنا نقول منذ قريب ما قاله الأول :
أرى خللَ الرماد وميض جمر * وأحرى أن يكون له ضرامُ
فكيف ونحن نرى الضرام اليوم؟!
فإن لم يُطفها عقلاء قومٍ * يكون وقودَها جثثٌ، وهامُ
أقولُ من التعجب ليتَ شعري*أيقاظ (تُرانا)، أمْ نيامُ؟!
إنه السيل العرم!؛ إلا أن يـشاء ربي شيئا، ولا حول، ولا قـوة إلا بالله وحده لا شريك له ولا رب سواه ... اللهم إن أردت بالناس فتنة باقبضنا إليك غير فاتنين ولا مفتونين ... :
أيّها الهلوينُ قل لي
بالذي يُبري البرايا
كيف أخرجتَ المسوخَ
بعدما كانتْ خبايا
أينَ خبّئتَ العقولَ
حين أبديتَ الخزايا
كائناتٌ شائهاتٌ
أظهرتْ بعضَ النوايا
بينما المخفيُّ أنكى
ويلَها تلكَ الخفايا
واقرؤوا التاريخَ ثَمّ
تُدركونها جَلايا
حينما يَطغى الطغامُ
تدخلُ الخمرُ الزوايا
والعلوجُ يَنخِسونَ
راهباتِها بغايا!
أيها الهلوينُ سُحقًا
كيفَ أقنعتَ السبايا؟!
يا تُرى هل هؤلاءِ
طالعوا بعدُ المَرايا
هل رأوا بينَ الجباهِ
بعضَ هاتيكَ البلايا
أمْ كما الدجالِ بادٍ
ثم تقفوهُ السرايا
كم ظننتُ الكاسياتِ
حينَ يَمشينَ عرايا
في النساءِ وحدهنّ
قُلتَ: كلّا؛ يا (ضنايا)
هاهُنا الذكرانُ فاقوا
كلَّ تغنيجِ١ الصبايا!
ناعمونَ كاعبونَ
أَعجزونَ٢ كالولايا
قد تَشابهوا علينا
مثلَ تسديسِ الخلايا
بل تقولُ: والعقولُ
بعضُها مثلُ الرّوايا٣
كيفَ كِدتَّها؛ فصارتْ
بعدَ ماضيها خوايا
مُنعماتُها رزايا
قائماتُها حَنايا٤
كلُّهم حينَ تراهم
كاسياتُهم عرايا!
١- دلال، وميوعة.
٢- أعجزُ مؤنثه عجزاء، ذو عجينة!.
٣- كـ(النُّوق) في البيداءِ يقتلُها الظما
والماءُ فوقَ ظهورِها محمولُ
لقائله -وقد اختلف في نسبته- ونصّه : كالعِيس ...
٢- منحنيات .