لَأْمَةُ(*) الأُمّةِ!(١).
=====>
أحمدُ اللهَ الحميدَ كلَّ مَحْمدٍ ،وأصلي وأسلم على عبده ورسوله مُحمّدٍ ،أمّا بعدُ ،فإنّ للأمةِ لأمةً لا يُنكرها ذوو البصرِ فضلًا عن ذوي البصائر!.
وإنّ لأمتَها في اعتصامِها ،فإذا لبستهُ نازلت الأممَ ظاهرةً ظافرةً ،ودانت بعُلوٍ لها الممالكُ ،والأمصارُ ،وذلُلَت بعزٍّ على يديها البلدانُ ،والأقطارُ ،وسادت الأرضَ وعمرتها من أقصاها إلى أقصاها ،وجعلتها مسجدا تعلو في جنباته كلمة التوحيد!.
نعم كلمة التوحيد تلكم الكلمة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ،إنها كلمة التقوى وهي العروة الوثقى ،إن كلمة التوحيد هي توحيد الكلمة ،لقد وحدت المسلمين على اختلاف أجناسهم ،وأفكارهم ،وأسنانهم ،وما شئت من اختلافاتهم ،حتى غدوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ،تذوب في بنايته الشاهقة الفوارق الباهتة ،فلا فضل لعربي على أعجمي ،ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى! ،لقد صاروا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر!.
بيد أنها خلعت لأمتها -وما كان ينبغي لها- فناوشتها الأعداء من كل صوب وحدب ،حتى تمكنت منها تمكن الضباع من أسد موعوك ،أثخنته الجراحة!.
لقد نازلتها حسالات الأمم ،فنزلت من عليا درجات مجدها التليد ،وتنازلت في دركات الصَّغَار عن أسباب عزها الزاخر! ،وضُربت عليها الذلة ،والمسكنة! ،إنها الموبقات أورثت العقوبات عَلَّنا نرجع ،ونُراجع!.
إن التمكين هو الابن الشرعيّ للاعتصام ،كما أن التنكيل هو وليد الانفصام!.
فإن اعتصمت الأمة بحبل ربها بوحيه المعصوم ،عُصمت ،ومُكّن لها واستُخلفت ،وإن انفصمت عنه ،فُصمت ،وسِيمت الخسفَ ،ووُصمت!.
فهل تعي أمتي اليوم ذلك?!.
هل تعي أن داءها هو الاختلاف ،وأن دواءها هو الائتلاف?!.
إنها لا تزال سادرة في غياهب غيها ،معرضة عن منهاج ربها!.
إنها ما فتئت بين أمواج الفتن العاتيات مدبرةً عن سفينة نجاتها ،إنه الغرق المحقق! ،إلا أن تتوب وتؤوب ،وتنفض غبار الانفصام ،وتصلح ما أفسدته غابرَ الأيام ،فتعتصم ،فتُعصم!.
أبو سفيان عمرو سادات
عفا الله عنه
======>
(*)- اللأْمَةُ : أَداةُ الحرب كلُّها من رمحٍ، وبيضةٍ، ومِغْفَرٍ، وسيفٍ ، ودرع. والجمع : لأْم، ولُؤَم" انظر: المعجم الوسيط.