زعمت ...

زعمت ...

[زعمتْ ... ]

زعمتْ فلانةُ أن عَمرًا رابَها
وغدتْ تُطيّرُ في الفَضا أسرابَها

لا تَرعوي عن رَيبِـها، أنّى مضى
تمضي، وتَخلقُ في المَلا أسبابَها

وتقولُ : كانَ...فقد مضى؛ وكأنّهُ
... لا، لم يكنْ ... وتذمُّ قلبًا خابَها!

وتروحُ في وادي الخيالاتِ التي
كم أنهكتْ مِن قبلِها أترابَها!

لو كُنْ يَدرينَ الحياةَ، ورَيبَها
لذممْنَ ربّاتِ الظنونِ، وغابَها!

لكنّها ضِلَعٌ ...، وقد رضيَ الذي
دَمِنَ المُدامةَ عذبَها، وعذابَها!

واللهِ قد رضيَ السماءَ إذا صفتْ
وإذا تُزجّي في الحياةِ ضبابَها!

هل كانَ أكثرَها عطاءً صفوُها!
أم حينَ تُرعدُ بالغرامِ سحابَها؟!

ألقي الملامةَ حيثُ شيتِ؛ فإنّها
عمّا قليلٍ تُنكرينَ صِلابَها!

عمّا قليلٍ مثلَ أمواجٍ؛ إذا
يَهجرنَ عاودنَ الهوى أعقابَها

فإذا تقولُ اليومَ قولًا؛ إنّما
قالتهُ حُـبًّا؛ فلتزدنا طابَها!!

أتقولُ : قد راحَ الذي عاهدتُها!
-زعمتْ-، وكم قد نابَها ما نابها!

وجميعُ أيّامِ الغرامِ جميعُها
قد شابَها منّي الذي قد شابَها!

وتقولُ : أوردني المواردَ كلَّها
وأذاقني الويلاتِ؛ عِفتُ شرابَها!

وتذمُّ أيّامي التي أهديتُها!
وسقيتُها الأفراحَ، فاستعذابَها

وصنعتُ فيها مِن هوايَ خمائلًا
لتجرَّ في رَوضِ المُنى أثوابَها 

ما كانَ مني الخُلفُ قطُّ؛ وإنّما
رُغمًا زحامٌ يَستبي أدرابَها!

وسمعتُها -وأنا أكتّمُ ضِحكتي-
لخيالةِ المرآةِ تُشهرُ نابَها :

لا ما رأيتُ الخيرَ قطُّ؛ وإنّهُ
أقلاهُ إحقاقَ المُنى، وسرابَها!!

لمّا رأتْنِيَ وهْـيَ تزعمُ زعمَها
في صفحةِ المرآةِ ضلّتْ عابَها 

وتَحسّستْ حينَ استدارتْ لحيتي
ما كانَ أشهى لثمَها، ورُضابَها!

قالتْ -ولم أعتبْ-؛ أسأتُ، فقلتُ: لا
... ما كانَ أطيبَ شّـكَّها، وكِذابَها!

غاصتْ على لُججِ الشفاهِ قلوبُنا
لم تدرِ ما قد نابَها، وانتابَها!

لتقولَ: أنتَ، وأنتَ أنتَ...؛ وخافقي
لولاكَ لم يَحيَ الحياةَ، وهابَها!

للّهِ درُّكَ مِـن وفـيٍّ؛ بعـدهُ
نحثو على عينِ الوفاءِ ترابَها!

وهناكَ أسفرتِ الليالي سرَّها
ألقتْ عليَّ حجابَها، ونِقابَها

وتجلببتْ بي؛ وهْيَ تسترُ حبَّها
ما كانَ أسترَ بالهوى جلبابَها!

هل هُنَّ إلا مِن ضُلوعِ صُدورِنا؟!
فإلى الصُّدورِ؛ وقد كُفيتَ جوابَها!

وإذا أتتكَ رياحُهنَّ بعاصفٍ
فاسددْ -مِن القُبلاتِ حَرّى- بابَـها!
خاتمة الموقع نستودعكم الله